قراءة لرواية بروكلين هايتس للروائية المصرية ميرال الطحاوي
مرة اخرى اجد نفسي امام رواية من الروايات التي وصلت للقائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية لعام ٢٠١١ و هي السنة التي شهدت فوز روايتي القوس و الفراشة و طوق الحمام مناصفة للجائزة الكبرى. و الحقيقة اني لم اقرا من القائمة القصيرة لعام ٢٠١١ الا الان بالاضافة الى هذه الرواية الا رواية صائد اليرقات للروائي السوداني امير تاج السر و هي رواية عبقرية تقع في مقدمت قائمتي لافضل الروايات التي وصلت لقائمة القصيرة للجائزة خلال سنواتها التسع الماضية غير انه هذا الامر بصراحة لا ينطبق على الرواية موضوع الحديث هنا “ بروكلين هايتس “ و التي بالمناسبة فازت بجائزة نجيب محفوظ للرواية. باختصار وجدت نفسي امام رواية رغم حرفية كاتبتها و ذكاء الفكرة العامه فيها مشتتة بعض الشي و فصولها مملة حد الرتابة ، لست ناقد ادبيا بطبع و لكني قارئ بسيط و ربما ببساطتي تلك لم اجد فيها ما قد يجده غيري يأهلها لنيل جائزة نجيب محفوظ للرواية و لكني بعد لا اعرف ما كان ينافسها.
على كل حال نتقل من المقدمة الى الحديث عن قصة الرواية و كما قلت فالفكرة جدا ذكية و لكن المشكلة الرئيسية حسب اعتقادي وجدت في الاكسكيوشن ( التنفيذ ). تدور احداث الرواية حول هند و هي امرأه مصرية من عائلة بدوية تهاجر مع ولدها الى امريكا بعد ان هجرها زوجها لسبب غير واضح و ظل كذلك حتى النهاية، لتستقر في بروكلين و هي احدى ضواحي نيويورك ، الشهيرة بالجسر الضخم الذي يربطها بمناهتن. تقدم الرواية دراسة لحالة المهاجر العربي خصوصا والمرآة في امريكا وربما الغرب حيث تكون مشتته بين ماضيها الشرقي التقليدي و الرغبة العارمة في النجاح في بلاد الفرص ،بلاد العم سام. الا ان المهاجر يكتشف في كثير من الاحيان ان بلاد العام سام ستطحنه و تجرده من انسانية بقدر ما طحنته بلاد الاصيله.
تتوزع فصول الرواية الاثني عشر و التي تحمل اسماء شوارع في بروكلين متصلة بالشارع التي تقيم في هند بين حاضرها مع حياتها في بروكلين و معانتها في سبيل التاقلم في هذه البلاد الجديدة و بين ماضيها المر و المتقلب ابتدا من طفولتها و الي شبابها فنتعرف بالتوازي مع حاضرها ماضيها التي اوصلها الى تلك النقطة الحساسة في حياتها. خلال هذا الاسلوب النصي تحاول ميرال الطحاوي ا بهذا الاسلوب الكشف للقارئ بالتدريجي عن الطبقات ( layers ( التي تغلف شخصية هند . تناقش الرواية من خلال هند ، اهلها ، و اصدقائها او حتي الاشخاص التي تتعرف عليهم بالاضافة الى موضوع المهجر مواضيع مختلفة جرئية و ذكية من النقد الاجتماعي الى النقد الديني و حتى النقد السياسي. فالرواية لا تخشى الدخول الى المناطق الحساسة و المحضورة سواء حول المرأة او الدين فتراها تنقاش بكل صراحة مواضيع التحولات التي اصابت المجتمع المصري سواء على مستوى التدين الطاري و السلبي و الاختلافات المذهبية او الدينية بالاضافة الى ثقافتي التعصب و التسامح الديني في المجتمع المصري .
لكن كما قلت في المقدمة فان الافكار جميلة و الدخول الى مناطق جريئة لا يتجرا على دخولها الى القليل من الكتاب العرب لا يعني بالضرورة نجاح الرواية في ايصال افكارها بصورة مشوقة او واقعية او حقيقة فالراواية كما قلت سابقا كتبت بطريقة تحال ان تعرفنا علي شخصية هند بالتدريجي الا انها في الحقيقة تعطينا شخصية جديدة لهند في كل فصل لم نعرفها سابقا فهند في الفصل الاول تختلف عن هند في الفصل الثاني و هكذا دواليك فبدل ان تتكون شخصية واحدة امام القارى فانه يجد نفسه مشتتا بين شخصيات مختلفة ربما كانت ذكية و يحمل كل منها في اعماقة مشروع “ كركتر” حقيقي و لكنها جميعا بالقطع لا تكون شخصية واحدة يرتبط بها القارئ و يشاركها رحلة الغربة و معاناة الوطن و المجتمع. لا ينطبق هذا الامر علي بطلة الرواية فقط بل على كل الشخصيات الرئيسية في الرواية بستثناء شخصية الاب التي وجدتها متكاملة وموحدة و مثيرة للاهتمام رغم انها شخصية مستنتخه دائما في الادب و الدرما لذلك الوريث الفقير و الكسول لاسرة استقراطية كان لها جاه وسلطة في يوم من الايام. المحزن في الرواية ان تحمل في طياتها مشاريع شخصيات كتبت بصورة ذكية و حقيقة و تصلح مشروع رواية بحد ذاتها و كان يمكن استثمارها جيدا الا اننا لا نشاهد منها الا القليل و تظهر و تختفي فجاءة خصوصا شخصيتي العجوزان نجيب الخليلي الفلسطيني القادم من رحلة الهجرة و الشقاء و ليليت الفتاة المصرية الاستقراطية التي هجرت زوجها و طفلها في سبيل البحث عن السعادة في امريكا كلاهما مشروعي رواية رائعة بحد ذاتها و لكنهما يظهران للاسف في النهاية الرواية فقط و لا نعرف عنها الا القليل .
ختاما يحسب للرواية لغتها المكتوبة بطريقة تثبت تمكن الكاتبة من ادواتها الفكرة الذكية بعض الشخصيات المركبة و انلم يتم استغلالها الاستغلال الصحيح و كذلك النهاية و التي بطبيعة الحال لا يمكنني ان افحضها هنا و لكني اكتفي بالقول انها نهاية ذكية جدا لم اكن اتوقعها بالاشارة الي الفصول الاولى و ربما كانت الرواية تستحق القراءة لنهايتها الذكية فقط جيث وصل الرواية بالنسبة لي الى قمتها خلال الفصلين الاخيرين.
الرواية بين يدي هي الطبعة الاولى ٢٠١٠ و منشوره عن دار الاداب و تقع ٢٧٨ صفحة …
تقيمي الشخصي : ٦.٥/١٠
مر ٧٠ يوما و ١٥ كتبا ، لقادم هو رواية رشحت ضمن القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية بعنوان جوع للكاتب المصري محمد البساطي.
ملاحظة : الاخطاء الاملائية الواردة سببها عدم وجود مصصح في البرنامج الذي استخدمه للكتابه و لذلك اطلب العذر مسبقا
تعليقات
إرسال تعليق