قراءة نقدية لـ رواية احوال القبائل عشية الانقلاب الانكليزي في صلالة للكاتب احمد الزبيدي
ربما كانت معرفتي ان هذه الرواية هي اخر رواية املكها للكاتب العماني احمد الزبيدي و انني لن اطر انه اقرأ له رواية بعد الان ساعدني و شجعني على انهاء هذه الرواية في وقت قياسي. فكرت كثيرا قبل ان اكتب شيء عن هذه الرواية لاني للحق حتى بعد ان انهيت الرواية لا اعرف حتى الان ماذا اراد الزبيدي ان يوصله لي كقارء من هذ الرواية و لكن ساحاول في الفقرات القادمة ان احلل شيء مما قرات.
رواية احوال القبائل هي الرواية الاولى من ثلاث روايات نشرت لـ احمد الزبيدي و يأرخ من خلالها للثورة ظفار التي انطلقت في منتصف ستينات القرن الماضي : احوال القبائل نشرت عام ٢٠٠٨م ، سنوات النار نشرت عام ٢٠١٢م و امراة من ظفار نشرت عام ٢٠١٣م. على النقيض من الروايتين الثانية و الثالثة يميل الزبيدي في هذه الرواية الى الرمزية مصورة بالغة في المغالة و هو اسوء ما في الرواية و ما يجعلها بصراحة غير قابلة للقراءة ( unreadable ). بعد قطع كل تلك المقاطع “ الفلسفية و الرمزية و الشاعرية “ التي تشغل الحيز الاكبر من الرواية (اول ١٠٠ صفحة تقريبا ) و التي يعتقد الزبيدي انه يمارسها بكل نجاح يمكن تحديد محور الرواية في انه هجوم على مجموعة الثوار التي تراجعوا عن المشروع الثوري و انظموا الي معسكر السلطة الحاكمة في اعقاب حركة التصحيح التي شهدتها السلطنة بعد انقلاب عام ١٩٧٠ و تولي السلطان قابوس لمقاليد الحكم.
تدور احدث الرواية حول خالد عوض ال ريحة و هو ابن شيخ قبيلة ال ريحة الذي ينظم الى الثورة في الجبل و يصبح احد قياديها. يدخل خالد الذي يلقب ب فهد بعد الثورة في صراع مع احد مساعدية و هو من سكان الجبل الاصلين يددعى مسلم لانتقاده علنا احوال الثورة و قيادتها التي ابتعدت كثرا عن هموم الجماهير خصوصا في مناطق الجبل و انشغلت بصراعات ايدولجية. ينجح خالد في اضعاف مركز هذا الاخير في التنظيم. الا ان الامور تنقلب في اثناء معركة يخوضها الثوار مع كتيبة ايرانية يصاب فيها خالد و و يسقط على ارض يتبين الثوار ان هجوهم قد فشل و انهم مرغمين على التراجع. في هذه الاثناء يتقدم مسلم و يقترح تراجع الثوار بينما ينقل هو خالد الي مغارة قريبة يعرف ان مملوءه بالمئن و المواد الطبية ليختابؤا ريثما يتماثل خالد للشفاء متناسيا بذلك خلافتهم و الموامره التي حاكها خالد ضده قبل فترة وجيزة. خلال اختبائهم في المغارة يستمع الجريح و صاحبه لندائات السلطة المتكررة التي تدعوهم الى الاستسلام و الانظمام الى مسيرة “ النهضة “ . في لحظة الضعف الانسانية هذه يقرر خالد الانظمام الي المعسكر الاخر بعد ان ادرك انه يقف في الجهة الخاسرة و انه لا يسطيع ان يقف امام الالة الحربية السلطوية و من ورائها. تسفيد الدولة من هذه الاستسلام و يصبح خالد التائب بطلا على شاشات التلفزة و مركز بروبجندا لاضعاف و تشنيع على الثورة “ الشيوعية الملحدة “ .
يشن الكاتب من خلال الهجوم على بطل الرواية هجوها قويا و بما كان متعسفا في بعض الاحيان على اولائك الثوار الذي تراجعوا عن الثورة و انظموا الي المعسكر الاخر متهما اياهم بالخيانة و العاملة، فلا يمكن اغفال بعض الاسباب الموضوعية وراء هذه التراجعات و الانقلابات ولا يمكن جمع الجميع في سلة واحدة . علي انه هذه ليست هي مشكلة الرواية و السبب الذي جعلني انفر منها، فالسبب هو تلك المبالغة في الرمزية و الفلسفة الخاوية من وجهة نظري من اي معنى او مبرر. الاكيد اني لست من محبي مثل النوع من الكتابات ، الرمزية جميلة في الحديث عن الممنوعات هذا شيء لا خلاف فيه ، و لكن لماذا هذه الكتابة الغربية المبعثرة التي توصلك الى ل اشي؟ من اراد اني يختبر الروعة في الرمزية فليقرا فلسفة الاديان في حارة مصرية بسيطة في اولاد حارتنا لنجيب محفوظ او مدينة غائبة كواو في المجوس ل إبراهيم الكوني او يقيم سياسيات بلد بالكامل في عصر الانتفتاح في مصر من خلال قصة العمدة وابن الغفير في رواية الحرب في بر مصر لـ يوسف القعيد و القائمة الامثلة تطول من غساني كنفاني ورجال في الشمس الى البحث عن وليد مسعود للكاتب ابراهيم جبرا.
قبل ان انتهي لابد من التعريج على النص الذي ايضا لا اعرف ما هو او شعر نثري او نص روائي و ذلك التكرار للالفاظ و المعاني التي تصيبك بالضجر من المرة الاولى فما بالك بالمرة الالف . الاكيد اني ادركت اني لست مأهلا لقراءة نصوص لكاتب يعتقدوا او مصابين باوهام الحكمة و يكتبوا من ابراج عاجية عالية فلا يمكنهم الكتابة من دون التجرد من داء الافتعال و التصنع بداعوي الابداع و الغموض.
في الخاتمة يحسب للكاتب الجراه في المواضيع التي يناقشها و محاولة لتأريخ فترة مهمة جدا مسكوت عنها من تاريخنا الحديت ما زالات اصدائها تشكل حاضر و مستقبل هذا البلد.
الرواية منشورة من دار الفارابي و تقع في ١٩١ صفحة
تقيمي الشخصي : ٤/١٠
تعليقات
إرسال تعليق