قراءة نقدية لرواية نساء البساتين لـ الحبيب السالمي


رواية نساء البساتين هي الرواية الثانية للكاتب التونسي الحبيب السالمي التي تصل إلى القائمة القصيرة للجائزة البوكر للرواية العربية بعد روايته روائح ماري كلير. نشرت الرواية لأول مرة عام ٢٠١٠، ورشحت ضمن قائمة ٢٠١٢ والتي شهدت فوز الكاتب اللبناني ربيع جابر عن روايته دروز بلغراد. 


تدور أحداث الرواية حول زيارة مهاجر تونسي يعلم مدرسا للتاريخ والجغرافيا في مدرسة ثانوية في فرنسا ومتزوج من فرنسية إلى عائلة أخوه ابراهيم الذي يقطن حي البساتين في تونس العاصمة بعد خمس سنوات من الغياب. تستمر الزيارة ١٩ يوما يقضيها مع عائلة أخيه ابراهيم (الزوجة نسرين والابن وائل) ندخل من خلال الزيارة إلى يوميات أسرة تونسية صغيرة من الطبقة المتوسطة. فنشهد التغيرات التي عصفت بالمجتمع التونسي خصوصا والمجتمع العربي عموما في عالم ما بعد الاتحاد السوفيتي ونمو التيارات والتوجهات الإسلامية. 


تركز الرواية من خلال شخوصها وأحداثها على إبراز حالة التناقض في المجتمع التونسي خصوصا والمجتمعات العربية بين الانبهار بالحداثة والحضارة الغربية، والرغبة في العودة والتمسك بالقيم الدينية التقليدية واضعا تلك القيم والأخلاقيات الشرقية تحت المجهر ومتشككا في صوابها وسلامة نتائجها. كما أن الرواية تعالج قضية طبقة المثقفين المتنفعين الذي انضموا إلى الأحزاب الحاكمة في البلدان العربية وانقلبت أحوالهم المادية بسبب النفوذ السياسي لهذه الأحزاب فأصبحوا يتشدقون بعدالة الدولة و يتهمون أي نوع من المعارضة بالخيانة والعمالة. 


تنجح الرواية في تسليط الضوء على هذه القضية المهمة التي لطالما شغلتني وأصابتني باليأس من الشعوب العربية، فبالنسبة لي فإن قضية التناقضات القيمية التي تعيشها أغلب الشعوب العربية هي السبب الرئيسي في فشل موجة التغيير التي شهدتها المنطقة خلال الربيع العربي والسبب في ذلك صعود قوى التطرف في ما كنا نعتبره أكثر بلدان العالم العربي حداثة وتطورا : تونس وسوريا ومصر. على أن المعالجة لهذه القضايا جاء بصورة سطحية وكلاسيكية جدا فليس هناك أي مواربة أو عمق، وإنما تجد أن النص يضع الموضوع حسب التعبير الانجليزي ( on the nosie ). فمثلا تكون الشخصية التي تقوم بابلاغ الشرطة عن وجود علاقة بين جارته و حد الرجال متسببا باعتقالها من مرتادين دور الدعارة بل ان بطل الرواية يشاهده بالمصادفة قبل يومين من حادثة الابلاغ. وكذلك الحال بالنسبة للمتنفع من الحزب الحاكم الذي استطاع بسبب نفوذه التهرب من دفع الضرائب فإننا نجده يهم بالذهاب لتأدية مناسك الحج. 


على مستوى النص فإن الأسلوب السردي جاء بلسان بطل الرواية وهو قائم على لغة سهلة وعبارة قصيرة، فلا يخرج الكاتب رغم ـ وهو أمر يحسب له ـ تعقيد القضية المعالجة من الحيز الصغير للأسرة التونسية ويومياتها فلا يندفع أبدا نحو تحليلات طويلة وفلسفية حول القضية المعالجة في النص. 


على كل حال يحسب للكاتب بساطة ورقة النص وكذلك تسليطه الضوء حول واحدة من القضايا التي تسببت في تقسيم المجتمعات العربية وفشل حركة التغير فيها ـ من وجهة نظري . 


الرواية منشورة من دار الآداب اللبنانية وتقع في ٢٠٧ صفحات. 

تقيمي الشخصي : ٦/١٠ 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قراءة للمجموعة القصصية أكابر لميخائيل نعيمة

قراءة لرواية خان الخليلي لنجيب محفوظ

قراءة لكتاب الهويات القاتلة لأمين معلوف