قراءة لرواية يافا تعد قهوة الصباح
لعلي خلال قراءتي السابقة لروايات البوكر العربي لم أواجه رواية مخيبة للآمال ومملة، وبل بصراحة سيئة كرواية "يافا تعد قهوة الصباح" للروائي الفلسطيني أنور حامد، إلا أنه ليس السوء الذي يدفع قارئ مثلي للحنق والغضب على ضياع فرصة جميلة لعمل كان يمكن أن يكون جيدا وبالتالي تدفعني للكتابة عنها، مهاجمتها بصورة غاضبة كما فعلت مع روايات مثل "الفيل الأزرق" أو "أحوال القبائل" أو حتى "الذي لا يحب جمال عبدالناصر" إنها بصراحة لا تستحق حتى عناء الغضب في تناولها.
ببساطة هي رواية بلا عقدة ولا هدف سواء عرض مشاهد مقطوعة من الفلكلور والعادات الاجتماعية الفلسطينية قبل النكبة، وهو الأمر الذي لم ينجح حتى في إيصاله فالمهتم بالعادات الفلسطينية يمكن أن يحصل على فكرة واسعة عن العادات الاجتماعية الفلسطينية من خلال مسلسل تلفزيوني مثلا كالتغريبة الفلسطينية بصورة أفضل بكثير عن هذه الرواية الهزيلة. وما زاد الطين بلة بالنسبة لي وفي توجه غاية في الغرابة لا يركز الكاتب في روايته إلا على الصراع بين الطبقات الأرستقراطية الفلسطينية والفلاحيين دون التطرق مباشرة لآثار الاحتلال البريطاني أو الهجرة اليهودية والصراع العربي الإسرائيلي على أوضاع الفلاح الفلسطيني.
يبرر الروائي عن دافعه لإهمال القضية الفلسطينية في بداية الرواية وتركيزيه على الجوانب الاجتماعية حيث يقول على لسان الروائي أنه يكتب رواية عن المجتمع الفلسطيني وأنه اندفع لكتابة الرواية بعد مشاهدة حفلة راقصة للفلكلور الفلسطيني في إحدى المسارح الغربية يقوم بها راقصين لا يمتون بأي صلة بالمجتمع الفلسطيني. على أن هذا التوجه في إهمال القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي والاحتلال البريطاني حرم الرواية من أي عمق، وحوّلها إلى قصة معروفة ومكررة عن الصراع الطبقي والحب المستحيل بين ابن الأغنياء وابنة الفقراء والتي يمكن أن تقع في أي حارة أو بلدة في العالم ولا يربطها بيافا أو فلسطين سوى بضعة أغاني فولكلورية لا تضيف أي جديد على مستوى الشخصيات، أو الأحداث أو القضية.
سأكتفي بهذا الحديث عن هذه الرواية فلا القصة الهزيلة التي تبدأ في الصفحة الخمسين - فالخمسين صفحة الأولى والتي يمكن حذفها بشخطة قلم دون أن يكون لحذفها أي تأثير على تركيب الرواية - ولا الشخصيات الهزيلة أو المقطوعة التي تظهر وتختفي دون أي تأثير ولا قصة الحب المستهلكة تستحق التفصيل هنا أو تضييع وقت القارئ فيها. ولعل الإيجابية الوحيدة - the only redeeming quality - التي جعلت من الرواية شيئا يمكن قراءته هو عنوانها الجميل الذي اعتقد أني لن اذكر سواه بعد عدة أيام وقصر حجمها حيث لم تتجاوز المائتين صفحة.
تقييمي الشخصي: ٤/١٠
تقع الرواية في ٢٠٦ صفحة، بين يدي الطبعة الأولى ٢٠١٢، عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
القادم العمى لجوزيه ساراماغو
تعليقات
إرسال تعليق