قراءة للمجموعة القصصية “ القميص المسروق “ لغسان كنفاني



مرة اخرى اجدني مع مجموعة قصصية جديدة للشهيد الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني بعنوان “ القميص المسروق “ و هو عنوان اول قصة في هذه المجموعة ، و كبقية اعمال غسان كنفاني المقاومة و النكبة و الصراع العربي الإسرائيلي حاضر و بقوة في هذه المجموعة . غير انها و مع الاسف لا ترقى الى مستوى ما عهدته من غسان كنفاني في رجال في الشمس ، عائد الى حيفا او المجموعه القصصية ارض البرتقال الحزين و ربما كان هذا السبب الذي من اجله لم ينشرها الشهيد في حياته ، فالمجموعة المكونه من ثماني قصص كتبت خلال فترات زمنية مختلفة بين عام ١٩٥٧ و عام ١٩٦٩ الا انها جمعت و نشرت بعد استشهادة بعشر سنوات تقريبا. هذا بالطبع لا يقلل من الاهمية الادبية لهذا العمل فغسان كنفاني رائع جدا، انما انه من وجهة نظري الصغيرة جدا ـ التي لا احتاج احد اني يذكرني بها ـ اقل من مستوى ما قرأت له مما نشر في حياته. 

كما اسلفت تتكون المجموعة القصصية من ثمان قصص متوسطة الحجم تترواح بين سبع الى عشر أوراق و هي : القميص المسروق ، الى ان نعود ، المدفع ، درب الخائن ، البطل في الزنزانة ، قرار موجز ، يد في القبر و كان يومذاك طفلا. تنتمي معظم القصص الى جو النكبة و ما قبلها و المعاناة الفلسطينية في المخيم ، ففي قصة الاولى و الاروع ربما في المجموعة يضعك غسان كنفاني داخل خيمة لأجى في منتصف امطار غزيرة تزيد من مشقة حياة اللجوئ و الخيمة و يستحضر غسان كنفاني فيها و من خلال مشهد واحد تقريبا معاناة اللاجئ الفلسطيني مع حياة الشقى سواء في مذلة طوابير وكالة الغوث او حتى في فساد و استغلال من كان يديرها. 

اما في قصصة الى ان نعود ، المدفع و القصة الرائعة ايضا قرار موجز فيرسم غسان كنافي الصورة الرائعة للمقاومة الفلسطينية عشية النكبة ـ و التي ظلمها الاعلام ـ بين ذلك المقاوم المتسلل العائد للانتقام بعد الجرائم التي ارتكبت في قريته يوم احتلالها في قصة “ الى ان نعود “ أو ذلك القائد الثوري القديم الذي يبيع دمه و دم ابنائه لتوفير حق المدفع الذي اشتراه للدفاع عن قريته في قصة “ المدفع “ أو ذلك الفيلسوف المقاوم الذي يضع عنوان فسلفيا لكل عمل من اعمال البطولية التي يشهدها او يقرر القيام بها في قصة “ قرار موجز “ . 

في قصتي درب الخائن ، و البطل في الزنزانة يلامس غسان كنفاني مواضيع حساسة حول الخيانة و العمالة و الوطنية الحقيقية و يلاحظ في هاتين القصتين تأثر غسان كنفاني بالصراع الناصري مع الملك حسين الذى اشتد في سنة ١٩٥٧ فنرى في كلا القصتين هجوم قاسي و ان كان مفهوما في سياقة على الاسرة الهاشمية في الأردن و تلميحات باتهامها بالعمالة لأسرائيل. على خلاف باقي المجموعة و معظم كتابات غسان كنفاني التي قرائتها الى الآن تجيئ قصة يد في القبر بعيد بعض الشيء عن الاجواء الفلسطينية و هي قصة ذات طابع ساخر الا انها حقيقتا لم تعجبني و كانت ربما الاقل جودة في المجموعة من وجهة نظري. 

اخيرا على مستوى اللغة ، فغسان كنفاني كعادته رائع  دائما و له كالمعتاد عبارات رائعة خصوصا تلك التي يطلقها الفيلسوف في قصة قرار موجز و منها مثلا : 
“ طالما أن الانسان دفع ليعيش دون أن يؤخذ رأيه بذلك فلماذا لا يختار هو وحده نهايته . و من هذا القرار الموجز توصل الى قرار أكثر إيجازا : الموت هو خلاصة الحياة “ 
“ ليس المهم ان يموت الانسان ، لأن يحقق فكرته النبيلة … بل المهم أن يجد لنفسه فكرة نبيلة قبل ان يموت “ 
“ ان ضرب السجين هو تعبير مغرور عن الخوف “  
و اخر قرا موجز كان “ ليس المهم ان يموت احدنا المهم ان تستمروا … “ 

المجموعة القصصية بطبعتها الجديدة نشرت عن دار منشورات رمال بالتعاون مع مؤسسة غسان كنفاني الثقافية  ضمن مشروهم لإعادة نشر كتابات الاستاذ غسان كنفاني . تقع الرواية  في  ٨٣ صفحة. 
تقيمي الشخصي: ٨/١٠ 

مر  ١٣٣ يوما و ٢٩  كتابا ، القادم هو اولى الروايات المترشحة للقائمة القصيرة لهذا العام بعنوان أولاد الغيتو إلياس خوري . 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قراءة لرواية خان الخليلي لنجيب محفوظ

قراءة للمجموعة القصصية أكابر لميخائيل نعيمة

قراءة لمسرحية "السلطان الحائر" لتوفيق الحكيم