قراءة للمجموعة القصصية " أأنا الوحيد الذي أكل التفاحة؟! "
في تجربة فريدة من نوعها يقدم لنا كل من الروائية والقاصة العمانية المتميزة هدى حمد والإعلامي سليمان المعمري مختارات من القصة القصيرة العمانية هي حصاد تجربة أكثر من ستين كاتب عماني و كاتبة عمانية ابتداء " من منتصف ثمانينات القرن الماضي إلى منتصف العقد الثاني من الألفية الجديدة ". جمعها الكاتبان من المجموعات القصصية المنشورة لأصحابها أو تلك التي شاركوا بها في المهرجانات الثقافية المحلية.
قدمت المجموعة لقارئ محدود الاطلاع مثلي بالحراك الثقافي المحلي والإنتاج العماني ـ وهو الأمر الذي عملت على تغييره خلال الفترة السابقة- فرصة فريدة لأخذ رحلة بانورامية وسريعة ـ نوعا ما ـ على لمحات من التجربة القصصية العمانية لأهم روادها ـ من وجهة نظر المحرران - خلال الخمسة والثلاثين سنة الماضية، تعرفت خلالها على أسماء جديدة لم أكن قد سمعت بها سابقا، وقرأت لأول مرة لكتاب لطالما سمعت عنهم الكثير ولم توانتي الفرصة للاطلاع على إنتاجهم الأدبي.
وبما أن النظرة تجاه الأدب هي في الغالب الأعم نظرة subjective - شخصية غير موضوعية - وبما أن تجربة كل كاتب من الكتاب العمانيين هنا اختزلت في قصة واحدة من اختيار كتابين اخرين من مستوى ثقافي معين فإنه لا يمكن والحال كذلك الحكم على تجربة أي من هؤلاء الكتاب من خلال هذه المجموعة القصصية ولذلك فإنه من الأفضل في هذا المقام تجنب الحديث عن السلبي الذي لم يعجبني والتركيز فقط على الإيجابي في هذه التجربة.
فالمجموعة قامت بتثبيت إعجابي المسبق لكل من الرائعين محمود الرحبي وعبدالعزيز الفارسي وجوخة الحارثي وبشرى خلفان وهدى حمد وحمود الشكيلي الذين قرأت لهم سابقا. أما من الأسماء التي سمعت عنها الكثير ولم أقرأ لها سابقا فقد اعجبتني قصص مثل "الرائحة الأخيرة للمكان" للخطاب المزروعي و "ليلة خلف الأخيرة " لمحمد سيف الرحبي و "أغنية عاطفية" لهلال البادي و "قدام مكتب الوالي" ليونس الأخزمي، في حين كان الأفضل من وجهة نظري وربما يعود ذلك أنها كانت أكثر القصص التي لامست مشاعري فهي قصة "دم الجلاد ومرثية الضجر" للأستاذ حمود سعود الذي سيكون منذ الآن في مقدمة قراءاتي القادمة. على جانب المفاجأة من كتاب لم أسمع بهم سابقا - وهذا خطأ مني - فقد كانت قصة "رجل واحد" للكاتبة بشاير السليمي وهي قصة قصيرة جدا من الكوميديا السوداء تميزت برمزيتها وعمقها وخيالها الواسع الأفضل بل ربما كانت مع قصة "دم الجلاد ومرثية الضجر" أقرب القصص إلى نفسي .
باستثناء البعض مما سبق غلب على معظم الأعمال العمانية الطابع التجريبي والتجديد والثورة على القوالب القصصية المعروفة والاعتماد في الأغلب على المنولوج الداخلي، هذا بالإضافة إلى غياب الحبكة narrative من السرد. وعليه فإني أعتقد أن الرأي الذي سيخرج به المتلقين والنقاد على حد سواء سيكون متناقض بشدة بين من سيراها أعمال تجديده ثائرة على القوالب التقليدية وبين من سيراها ببساطة ( boring, phoney & pretentious postmodern attempts) .
ختاما علي تسجيل كلمة شكر وإعجاب للجرأة التي تحلى بها كل من الأستاذين هدى حمد وسليمان المعمري في خوض غمار مثل هذه التجربة الصعبة وللجهد الكبير الذي بذلاه في جمع هذه المادة الثقافية الهائلة والمتنوعة بين دفتي كتاب واحد.
تقييمي الشخصي: ٧ /١٠
يقع الكتاب في ٤٣١ صفحة. بين يدي طبعة الكتاب الأولى ٢٠١٨م تحرير هدى حمد وسليمان المعمري.
القادم رواية خان الخليلي لنجيب محفوظ.
تعليقات
إرسال تعليق