قراءة لرواية مدرّس ظفار للكاتب البحريني خالد البسام


لعلي لا أستبق حديثي عن رواية مدرّس ظفار، إذا قلت أنها من الأعمال التي تقع في فخّ العنوان والموضوع المثير، خصوصًا للقارئ العُماني المتشوّق للقراءة عن ثورة ظفار؛ تلك الثورة المهمَّشة في ذاكرة التاريخ العربي رغم أثرها العميق في التغيّرات السياسية في الخليج، ولا سيّما في عُمان والإمارات. فقد كانت تلك الثورة المطرقة التي نبهت القوى الاستعمارية إلى ضرورة التغيير، ومهّدت لمرحلة الرفاه التي تعيشها هذه الدول اليوم. الامر الذي جعل الخيبة مضاعفة من التناول السطحي لهذه الثورة. يزيد من وطأة تلك الخيبة المقارنةُ — غير العادلة بطبيعة الحال — مع رواية وردة لصنع الله إبراهيم، التي تناولت الموضوع نفسه بلغة أكثر عمقًا وشخصيات متقنة الصياغة تبقى حيّة في الذاكرة، بينما تتلاشى شخصيات مدرّس ظفار سريعًا بعد الانتهاء منها.

تحكي الرواية عن خيبات وتناقضات اليساريين في الخليج وظفار، بين الشعارات البراقة حول "حرية الشعوب" و"محاربة الرجعية" و"تحرير المرأة"، وبين الواقع الحقيقي المليء بالجهل والهزيمة والخيانة وهيمنة القبيلة، إلى جانب واقع المرأة المحكوم بالطبيعة الدينية والقبلية. وهي مواضيع مطروقة ومكرورة في الأدب والسياسة والتاريخ، ولم ينجح البسام في تقديمها من خلال رؤية جديدة أو معالجة فكرية قوية، بل جاءت سطحية وفجّة، ما زاد من بؤس النص والرواية معًا .

تدور الأحداث حول طالب يساري مغترب يُدعى فهد، يدرس في مصر، ويُطلب منه في نهاية السبعينيات – مع نهاية الثورة فعليًا في ظفار – أن يتوجه إلى اليمن الجنوبي للتدريس في إحدى مدارس الثورة على الحدود مع ظفار. وهناك يصطدم بالواقع المرير للثورة التي أحبّها منذ طفولته: من الجهل وهيمنة القبيلة إلى خواء الثوار المهزومينيحاول البسام من خلال هذه الأحداث إيصال فكرته عن تحولات الثورة، لكن ذلك يتم عبر شخصيات مكرورة وعقد سردية سطحية ومفتعلة. كما يأخذ النص وقتًا طويلًا للوصول إلى موضوعه، فيأخذ القارئ في رحلة من مصر إلى دمشق ثم بغداد وبيروت وعدن، دون أن تقدم تلك الرحلة – التي استحوذت على معظم الرواية – أي جديد حول البطل أو موضوع الرواية.

شعرتُ حقيقةً أنني أقرأ يوميات شخص سافر للتدريس، وكان يمكن أن تكون في أي مكان آخر غير مرتبط بثورة ظفار، ليواجه المصاعب نفسها وتنتهي القصة بعودته دون أي تحوّل حقيقي في الشخصية أو التجربة. كما أنها لم تُكتب بذلك الأسلوب الأدبي الذي يجعل القارئ يستمتع بها كتجربة لغوية جمالية. الشيء الوحيد الذي يُحسب للرواية هو توثيقها لجيلٍ من اليساريين الذين انضمّوا إلى الثورة بدافع الإيمان بالتغيير، وساهموا في التعليم والصحة زمن الجهل والمرض.

تقييمي الشخصي: 5/10
تقع الرواية في 186 صفحة، بين يديّ الطبعة الأولى الصادرة عن دار العين عام 2011.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قراءة لرواية خان الخليلي لنجيب محفوظ

قراءة للمجموعة القصصية أكابر لميخائيل نعيمة

قراءة لمسرحية "السلطان الحائر" لتوفيق الحكيم