قراءة في رواية الوشم لعبدالرحمن الربيعي
كعنوانها تمامًا، تحفر رواية الوشم شخوصها وحواراتها وعبثية أقدارها في قلب القارئ كجرح لا يندمل. كثيرون يتساءلون: لماذا نقرأ الرواية؟ ولماذا نُصرّ على الأدب في عالم لا يُنصف سوى السرعة والضجيج؟ ربما لأن الذين يسألون لم يقرؤوا نجيب محفوظ، أو توفيق الحكيم، أو غسان كنفاني، أو حنّا مينه… ولأنهم – منذ اليوم – لو قرأوا عبدالرحمن الربيعي لأدركوا أن الأدب ليس ترفًا بل ضرورة للعيش، وفهم الذات، ورؤية الخراب قبل وقوعه . أعادتني الوشم إلى تلك اللحظات الثقيلة التي تلت انهيار أحلام الربيع العربي، إلى الفراغ والخيبة والحزن الذي اعترى جيلًا حلم بالتغيير، فوجد نفسه في المعتقلات والمؤامرات والحروب. إنها مرثيّة حقيقية لجيلٍ صعد إلى قمة الأمل، قبل أن يُلقى به في قاع المأساة. إنها أيضًا رواية عن اغتراب المثقف حين يموت الحلم، وعن تلك الهوّة التي تفصل بين ما تمنّيناه وما وجدناه. تحكي الرواية سيرة كريم الناصري، الناشط الحزبي الذي يخرج من سجون ما بعد ثورة 1957 ليجد نفسه غريبًا في وطنه، منفيًّا داخله، منسحقًا تحت تتابع الانقلابات وضياع المبادئ وتحول الأصدقاء. يعيش كريم في عالمٍ لم يعد يعترف به، ولا بوعيه، و...