المشاركات

عرض المشاركات من ديسمبر, 2020

قراءة لرواية العمى لجوزيه ساراماغو

صورة
     هذه ببساطة هي أروع رواية قرأتها منذ انتهائي من ثلاثية نجيب محفوظ قبل أربع سنوات.     لعلها لا تكون من المبالغة القول أنه لا توجد رواية على الإطلاق مناسبة للأحداث التي عشنها ونعيشها الآن في هذا العام الغريب ٢٠٢٠ كرواية "العمى" للروائي البرتغالي جوزيه ساراماغو الحائز على جائزة نوبل للآداب لعام ١٩٩٨م. فمحور الرواية الرئيسي هو وباء العمى الذي ينتشر في إحدى الدول ويحول حياة سكانها فجأة إلى جحيم يتقاطع وإن بصور أقل درامية مع ما نعيشه الآن من أحداث مع وباء كوفيد-١٩. كما أن الأسئلة التي تطرحها في هذا المجال حول إدارة الهلع والخوف وأخلاقيات التعامل مع المرضى والمصابين من قبل الحكومات والشعوب بالإضافة إلى الموازنة بين المدى الذي تنتهي معه الحرية الفردية في مقابل حماية المجتمع تتقاطع مع كثير من الأسئلة الأخلاقية التي طرحت خلال هذا العام.    غير أن ثيمات الرواية الكثيرة لا تنتهي عند هذه النقطة فقط، بل لعل هذه النقاط وإن كانت محرك أحداث الرواية إلا أنها لا تشكل إلا قشور المواضيع العميقة والمهمة التي يطرحها ساراماغو في رائعته العظيمة، فمن الجشع الرأسمالي ا...

قراءة لرواية يافا تعد قهوة الصباح

صورة
  لعلي خلال قراءتي السابقة لروايات البوكر العربي لم أواجه رواية مخيبة للآمال ومملة، وبل بصراحة سيئة كرواية "يافا تعد قهوة الصباح" للروائي الفلسطيني أنور حامد، إلا أنه ليس السوء الذي يدفع قارئ مثلي للحنق والغضب على ضياع فرصة جميلة لعمل كان يمكن أن يكون جيدا وبالتالي تدفعني للكتابة عنها، مهاجمتها بصورة غاضبة كما فعلت مع روايات مثل "الفيل الأزرق" أو "أحوال القبائل" أو حتى "الذي لا يحب جمال عبدالناصر" إنها بصراحة لا تستحق حتى عناء الغضب في تناولها.    ببساطة هي رواية بلا عقدة ولا هدف سواء عرض مشاهد مقطوعة من الفلكلور والعادات الاجتماعية الفلسطينية قبل النكبة، وهو الأمر الذي لم ينجح حتى في إيصاله فالمهتم بالعادات الفلسطينية يمكن أن يحصل على فكرة واسعة عن العادات الاجتماعية الفلسطينية من خلال مسلسل تلفزيوني مثلا كالتغريبة الفلسطينية بصورة أفضل بكثير عن هذه الرواية الهزيلة. وما زاد الطين بلة بالنسبة لي وفي توجه غاية في الغرابة لا يركز الكاتب في روايته إلا على الصراع بين الطبقات الأرستقراطية الفلسطينية والفلاحيين دون التطرق مباشرة لآثار الاحتلال البريطان...

قراءة لرواية حياة كاملة لروبرت زيتالر

صورة
    يتحدث روبرت زيتالر في روايته الرائعة "حياة كاملة " والتي ترشحت لجائزة المان بوكر العالمية للأعمال المنشورة بغير اللغة الإنجليزية لعام ٢٠١٦، عن البسطاء والمهمشين في المجتمعات الحديثة، عن أهل الريف وخصوصا الريف الأوروبي، الذي صدمتهم الحضارة الحديثة والرأس مالية في أبشع لحظاتها حين سحقتهم في صناعاتها واستهلكتهم في حروبها وخلق حداثتها دون أن تشركهم أبدا في أرباحها، وعن التحولات الكبرى التي شهدتها الأرياف في المجتمعات الأوروبية الحديثة خصوصا النمسا وألمانيا في النصف الثاني من القرن العشرين حيث تحولت من مجتمعات زراعية رعوية بسيطة إلى مجتمعات عالمية معتمده بشكل كلي تقريبا على السياحة والخدمات.     اخترت الرواية مصادفةً ولم أكن أعرف عن النص إلا ترشحه لجائزة المان البوكر إلا أنها ويال محاسن الصدف كما يقال كانت مناسبة جدا لي خصوصا بعد قراءة رواية حيدر حيدر "الزمن الموحش" فقد كانت بتأملها الهادئ للحياة وعلاقة الإنسان بالطبيعية أمام زحف الحضارة بالإضافة إلى رسائلها عن الأمل وحب الحياة رغم كل ما فيها من مآسي وصعاب وكرب أفضل وصفة لتجاوز الآلام والتشاؤم والكآبة التي حفلت ب...

قراءة لرواية الزمن الموحش للأديب السوري حيدر حيدر

صورة
    لعلي لا أبالغ إن قلت أني إلى الآن لم اقرأ رواية عربية استطاعت تقديم رؤية متكاملة للخيبة والوجع والحسرة والانكسار الذي أصاب النخبة العربية المثقفة و بالأخص اليسارية جراء الهزيمة المدوية التي مني بها العرب في عام ١٩٦٧م، كما فعل حيدر حيدر في روايته أو مرثيته المفعمة بالألم والتشاؤم "الزمن الموحش" على رغم أنه – وهذا لافت للنظر - لم يذكر هزيمة حزيران مباشرة إلا مرة أو مرتين إن لم تخني الذاكرة.    على أن حيدر حيدر وعلى خلاف الغالبية العظمى من المؤرخين والمثقفين والنخب العربية لا ينتهي في مراجعته لأزمة العربي "التائه" كما يسميه إلى فشل الخيار التقدمي العروبي والحركة اليسارية التي صبغت شعارات ما بعد الهزيمة وشكلت المشهد السياسي في نهايات السبعينات وبدايات الثمانينات- والتي شهدت عودة المارد الإسلامي للمشهد السياسي العربي -  بل على العكس تماما يحمل حيدر حيدر الفشل العربي في حزيران وما بعدها للإرث التاريخي والديني للرجل الشرقي، ويدعو بناء على ذلك إلى إقامة قطيعة تاريخية مع التراث الإسلامي وتحرير للرجل من عقدة الذكورة المشرقية والمرأة من أسر قرون من التغيب والقمع ا...